الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ الجبرتي المسمى بـ «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» **
إلى ثغر سكندرية يوم الأحد حادي عشره والمذكور أرسل من طرفه قاصدًا وعلى يده مرسوم خطابًا لأحمد أفندي الدفتردار بأن يكون قائمًا مقامه ويأمره بضبط الإيراد والمصرف فلم يقبل الدفتردار ذلك وقال لم يكن بيدي قبض ولا صرف ولا علاقة لي بذلك. وفي يوم الأحد طاقت جماعة قواسة على بيوت الأعيان يبشرونهم بأن العساكر الكائنين بناحية الرحمانية ركبوا على عرضي الألفي ووقعت بينهم مقتلة كبيرة وقتلوا منه جملة فيهم أربع صناجق ونهبوا منه زيادة عن ثمانمائة جمل بأحمالها وعدة هجن محملة بالأموال ورجعت عساكره ومعهم نحو الثمانين رأسًا ومائة أسير وغير ذلك وأن الألفي هرب بمفرده إلى ناحية الجبل وقيل إلى الإسكندرية فكانوا يطوفون على الأعيان بهذا الكلام ويأخذون منهم البقاشيش ثم ظهر أن هذا الكلام لا أصل له وتبين أن طائفة من العرب يقال لهم الجوابيض وهم طائفة مرابطون ليس يقع منهم أذية ولا ضرر لأحد مطلقًا نزلوا بالجبل بتلك الناحية فدهمهم العسكر وخطفوا منهم إبلًا وغنمًا وقتل فيما بينهم أنفار من الفريقين لمدافعتهم عن أنفسهم. وفي ذلك اليوم أيضًا ركب حسن آغا الشماشيرجي إلى المنصورية قرية بالجيزة ومعه طائفة من العسكر وهي بالقرب من إليهرام فضربوا القرية ونهبوا منها أغنامًا ومواشي وأحضروها إلى العرضي بأنبابة وحضر خلفهم أصحاب الأغنام وفيهم نساء يصرخن ويصحن وصادف ذلك أن السيد عمر النقيب عدى إلى العرضي فشاهدهم على هذه الحالة فكلم الباشا في شأنهم فأمر برد الأغنام التي للنساء والفقراء الصارخين وذهبوا بالباقي للمطابخ. وفي ثاني عشره وردت الأخبار بأن العساكر الكائنين بالرحمانية ومرقص رجعوا إلى النجيلة ونصبوا عرضيهم هناك وحضر الألفي تجاههم فركبوا لمحاربته وكانوا جمعًا عظيمًا فركب الألفي بجيوشه وحاربهم ووقع بينه وبينهم وقعة عظيمة انجلت عن نصرته عليهم وانهزام العسكر وقتل من الدلاة وغيرهم مقتلة عظيمة ولم يزالوا في هزيمتهم إلى البحر وألقوا بأنفسهم فيه وامتلأ البحر من طراطير الدلاتية وهرب كتخدا بك وطاهر باشا إلى بر المنوفية وعدوا في المراكب واستولى الألفي وجيوشه على خيولهم وخيامهم وحملاتهم وجبخانتهم وأرسل برؤوس القتلى والأسرى إلى القبودان وأشيع خبر هذه الواقعة في الناس وتحدثوا بها وانزعج الباشا والعسكر انزعاجًا عظيمًا وعدى إلى بر بولاق وطاف الوالي وأصحاب الدرك ينادون على العساكر بالخروج إلى العرضي ويكتبون أسماءهم وحضر الباشا إلى داره وأكثر من الركوب والذهاب والمجيء والطواف حول المدينة والشوارع ويذهب إلى بولاق ومصر القديمة ويرجع ليلًا ونهارًا وهو راكب رهوانًا تارة أو فرسًا أو بغلة ومرتد ببرنس أبيض مثل المغاربة والعسكر أمامه وخلفه ووصل مجاريح كثيرة وأخبروا بالواقعة المذكورة ومات من جماعة الألفي أحمد بك الهنداوي فقط وانجرح أمين بك وغيره جرح سلامة. وفي يوم الأربعاء حادي عشرينه وصلت العساكر المهزومة وكبراؤهم إلى بولاق وفيهم مجاريح كثيرة وهم في أسوأ حال فمنعهم الباشا من طلوع البر وردهم بمراكبهم إلى بر أنبابة واستمروا هناك إلى آخر النهار وهم عدد كثير وقد انضاف إليهم من كان ببر المنوفية ولم يحضر المعركة لما داخلهم من الخوف ثم أنهم طلعوا إلى بولاق وانتشروا في النواحي وذهب منهم الكثير إلى مصر القديمة وحضر كثير ودخلوا المدينة ودخلوا البيوت وأزعجوا كثيرًا من الناس الساكنين بناحية قناطر السباع وسويقة اللالا والناصرية وغير ذلك من النواحي وأخرجوهم من دورهم وقد كانت الناس استراحت منهم مدة غيابهم. وفي يوم الأربعاء ثامن عشرينه الموافق لثامن مسى القبطي أو فى النيل أذرعه وركب الباشا في صبيحة يوم الخميس إلى قنطرة السد وحضر القاضي والسيد عمر النقيب وكسر الجسر بحضرتهم وجرى الماء في الخليج جريانًا ضعيفًا بسبب علو أرضه وعدم تنظيفه من الأتربة المتراكمة فيه ويقال أنهم فتحوه قبل الوفاء لاشتغال بال الباشا وتطيره وخوفه من حادثة تحدث في مثل يوم هذا الجمع وخصوصًا وقد وصل إلى بر الجيزة الكثير من أجناد الألفي. شهر جمادى الآخرة سنة 1221 استهل بيوم السبت في سادسه حضر طاهر باشا إلى بر أنبابة ونصب خيامه هناك وعدى هو في قلة إلى بولاق وذهب إلى داره بالأزبكية وكان من أمره أنه لما حصلت له الهزيمة فذهب إلى المنوفية وقد اغتاظ عليه الباشا وأرسل يقول له لا تريني وجهك بعد الذي حصل وترددت بينهما الرسل ثم أرسل إليه يأمره بالذهاب إلى رشيد فذهب إلى قوة ثم حضر شاهين بك الألفي إلى الرحمانية فأرسل الباشا إلى طاهر باشا يأمره بالذهاب إلى شاهين بك ويطرده من الرحمانية فذهب إليه في المراكب فضرب عليه شاهين بك بالمدافع فكسر بعض مراكبه فرجع على أثره وركب من البر حتى عدى بحر الرحمانية ثم حضر إلى مصر ووصل بعده الكثير من العسكر فأمرهم الباشا بالعود فعاد الكثير منهم في المراكب وحضر إسماعيل آغا الطوبجي كاشف المنوفية وقد داخل الجميع الخوف من الألفي وأما الألفي فإنه بعد انفصال الحرب من النجيلة رجع إلى حصار دمنهور وذلك بعد أن ذهب أعيانها إلى قبودان باشا وقابلوه وأمنهم ورجعوا على أمانه فافترقوا فرقتين فرقة منهم اطمأنت ورضيت بالأمان والأخرى لم تطمئن بذلك وأرسلوا إلى السيد عمر والباشا فرجع إليهم الجواب يأمرونهم باستمرارهم على الممانعة ومحاربة من يأتي لحربهم فامتثلوا ذلك وتبعهم الفرقة الأخرى وأرسل إليهم القبودان يدعوهم إلى الطاعة ويضمن لهم عدم تعدي الألفي عليهم فلم يرضوا بذلك فعند ذلك استفتى العلماء في جواز حربهم حتى يذعنوا للطاعة فأفتوه بذلك فعند ذلك أرسل إلى الألفي يأمره بحربهم فحاصرهم وحاربهم واستمر ذلك. وفي يوم الجمعة سابعه ورد الخبر بموت الكاشف الذي بدمنهور. وفي يوم الخميس ثالث عشره وصلت قافلة من السويس وصحبتها المحمل فأدخلوه وشقوا به من المدينة وخلفه طبل وزمر وأمامه أكابر العسكر وأولاد الباشا ومصطفى جاويش المتسفر عليه ولقد أخبرني مصطفى جاويش المذكور أنه لما ذهب إلى مكة وكان الوهابي حضر إلى الحج واجتمع به فقال له الوهابي ما هذه العويدات التي تأتون بها وتعظمونها بينكم يشير بذلك القول إلى المحمل فقال له جرت العادة من قديم الزمان بها يجعلونها علامة وإشارة لاجتماع الحجاج فقال لا تفعلوا ذلك ولا تأتوا به بعد هذه المرة وإن أتيتم به مرة أخرى فإني أكسره. وفي ليلة الأربعاء حضر الأفندي المكتوبجي من طرف القبودان إلى بولاق فأرسل إليه الباشا حصانًا فركبه وحضر إلى بيت الباشا بالأزبكية في صبح يوم الأربعاء المذكور فأحضر الباشا الدفتردار وسعيد آغا واختلوا مع بعضهم ولم يعلم ما دار بينهم. وفي يوم الخميس عشرينه ارتحل من بالجيزة من الأمراء المصريين وعدتهم ستة من المتآمرين الجدد الذين أمرهم الألفي فذهبوا عند أستاذهم بناحية دمنهور ونزلوا بالقرب منه. وفي خامس عشرينه مر سليمان آغا صالح من ناحية الجيزة راجعًا من عند الأمراء القبالي وصحبته هدايا من طرفهم للقبودان وفيها خيول وعبيد وطواشية وسكر ولم يجيبوا إلى الحضور لممانعة عثمان بك البرديسي وحقده الكامن للألفي ولكون هذه الحركة وهي مجيء القبودان وموسى باشا باجتهاده وسفارته وتدبيره كما سيتلى عليك فيما بعد وفيه ظهرت فحوى النتيجة القياسية وانعكاس القضية وهو أن القبودان لما لم يجد في المصرلية الإسعاف وتحقق ما هم عليه من التنافر والخلاف وتكررت ما بينه وبين الفريقين المراسلات والمكاتبات فعند ذلك استأنف مع محمد علي باشا المصادقة وعلم أن الأروج له معه الموافقة فأرسل إليه المكتوبجي واستوثق منه والتزم له بأضعاف ما وعد به من الكذابين معجلًا ومؤجلًا على ممر السنين والالتزام بجميع المأمورات والعدول عن المخالفات فوقع الاتفاق على قدر معلوم وأرسل محمد علي باشا يأمره بكتابة عرضحال خلاف الأولين ويرسله صحبة ولده على يد القبودان فعند ذلك لخصوا عرضحال وختم عليه الأشياخ والاختيارية والوجاقلية وأرسله صحبة ابنه إبراهيم بك وأصحب معه هدية حافلة وخيولًا وأقمشة هندية وغير ذلك وتلفت طبخه الألفي والتدابير ولم تسعفه المقادير. وفي هذه الأيام تخاصم عرب الحويطات والعيايدة وتجمع الفريقان حول المدينة وتحاربوا مع بعضهم مرارًا وانقطعت السبل بسبب ذلك وانتصر الباشا للحويطات وخرج بسببهم إلى العادلية ثم رجع ثم أنهم اجتمعوا عند السيد عمر النقيب وأصلح بينهم. استهل بيوم الأحد وصل القاضي الجديد ويسمى عارف أفندي وهو ابن الوزير خليل باشا المقتول وانفصل محمد أفندي سعيد خفيد علي باشا المعروف بحكيم أوغلي وكان إنسانًا لا بأس به مهذبًا في نفسه وسافر إلى قضاء المدينة المنورة من القلزم بصحبة القافلة. وفي يوم الجمعة سادسه سافر إبراهيم بك بن الباشا بالهدية وسافر صحبته محمد آغا لاظ الذي كان سلحدار محمد باشا خسرو. وفي يوم السبت أرسل الباشا إلى الشيخ عبد الله الشرقاوي ترجمانه يأمره بلزوم داره وأنه لا يخرج منها ولا إلى صلاة الجمعة وسبب ذلك أمور وضغائن ومنافسات بينه وبين إخوانه كالسيد محمد الدواخلي والسيد سعيد الشامي وكذلك السيد عمر النقيب فأغروا به الباشا ففعل به ما ذكر فامتثل الأمر ولم يجد ناصرًا وأهمل أمره. وفيه تواترت الأخبار بوقوع معركة عظيمة بين العسكر والألفي وذلك أن الألفي لم يزل محاصرًا دمنهور وهم ممتنعون عليه إلى الآن وسد خليج الأشرفية ومنع الماء عن البحيرة والإسكندرية لضرورة الماء من ناحية دمنهور ليعطل عليهم المراد من الحصار فأرسل الباشا برب باشا الخازندار ومعه عثمان آغا ومعهما عدة كثيرة من العساكر في المراكب فوصلوا إلى خليج الأشرفية من ناحية الرحمانية وعليه جماعة من الألفية فحاربوهم حتى أجلوهم عنها وفتحوا فم الخليج فجرى فيه الماء ودخلوا فيه بمراكبهم فسد الألفية الخليج من أعلى عليهم وحضر شاهين بك فسد مع الألفية فم الخليج بأعدال القطن والمشاق ثم فتحوه من أسفل فسال الماء في السيخ ونضب الماء من الخليج ووقفت السفن على الأرض ووصلتهم الألفية فأوقعوا معهم وقعة عظيمة وذلك عند قرية يقال لها منية القران فانهزموا إلى سنهور وتحصنوا بها فأحاطوا بهم واستمروا على محاربتهم حتى افترق الفريقان فيما بعد. وفيه أيضًا وصلت الأخبار بأن ياسين بك لم يزل يحارب من بمدينة الفيوم حتى ملكها وقتل من بها ولم ينج منهم إلا القليل وكانوا أرسلوا يستنجدون بإرسال العسكر فلم يلحقوهم. وفيه وردت الأخبار من الجهة القبلية بأن الأمراء المصريين أخلوا منفلوط وملوى وترفعوا إلى أسيوط وجزيرة منقياط وتحصنوا بهما وذلك لما أخذ النيل في الزيادة وخشوا من ورود العساكر عليهم بتلك النواحي فلا يمكنهم التحصن فيها فترفعوا إلى أسيوط فلما فعلوا ذلك أشاعوا هروبهم وذكروا أن عابدين بك وحسن بك حارباهم وطرداهم إلى أن هربوا إلى أسيوط ولما خلت تلك النواحي منهم رجع كاشف منفلوط وملوى وخلافهما الذين كانوا طردوهم في العام الماضي وفروا من مقاتلتهم. وفيه شرع الباشا في تجهيز عساكر وتسفيرهم إلى جهة بحري وقبلي وحجزوا المراكب للعسكر وفيه شرع أيضًا في تقرير فرضة عظيمة على البلاد والقرى والتجار ونصارى الأروام والأقباط والشوام ومساتير الناس ونساء الأعيان والملتزمين وغيرهم وقدرها ستة آلاف كيس وذلك برسم مصلحة القبودان وذكروا أنها سلفة ستة أيام ثم ترد إلى أربابها ولا صحة لذلك. وفي ليلة الاثنين وصل كتخدا القبودان إلى ساحل بولاق فضربوا لقدومه مدافع وعملوا شنكًا وأرسل له في صبحها خيولًا صحبة ابنه طولون ومعهم أكابر الدولة والآغا والوالي والأغوات فركب في موكب عظيم ودخلوا به من باب النصر وشق من وسط المدينة وعمل الباشا الديوان واجتمع عنده السيد عمر والمشايخ المتصدرون ما عدا الشيخ عبد الله الشرقاوي ومن يلوذ به فسأل عليه القاضي وعلى من تأخر فقيل له الآن يحضر ولعل الذي أخره ضعفه ومرضه ثم أنهم انتظروا باقي الوجهاء وأرسلوا لهم جملة مراسيل فلما حضروا قرؤوا المرسوم الوارد صحبة الكتخدا المذكور ومضمونه إبقاء محمد علي باشا واستمراره على ولاية مصر حيث أن الخاصة والعامة راضية بأحكامه وعدله بشهادة العلماء وأشراف الناس وقبلنا رجاءهم وشهادتهم وأنه يقوم بالشروط التي منها طلوع الحج ولوازم الحرمين وإيصال العلائف والغلال لأربابها على النسق القديم وليس له تعلق بثغر رشيد ولا دمياط والإسكندرية فإنه يكون إيرادها من الجمارك يضبط إلى الترسخانة السلطانية بإسلامبول ومن الشروط أيضًا أن يرضي خواطر الأمراء المصريين ويمتنع من محاربتهم البلاد ويعطيهم جهات يتعيشون بها وهذا من قبيل تحلية البضاعة وانفض المجلس وضربوا مدافع كثيرة من القلعة والأزبكية وبولاق وأشيع عمل زينة بالبلدة وشرع الناس في أسبابها وبعضهم علق على داره تعاليق ثم بطل ذلك وطاف المبشرون من أتباعهم على بيوت الأعيان لأخذ البقاشيش وأذن الباشا بدخول المراكب إلى الخليج والأزبكية ثم عملوا شنكًا وحراقات وسواريخ ثلاثة أيام بلياليها بالأزبكية. شهر شعبان سنة 1221 فيه تكلم القاضي مع الباشا في شأن الشيخ عبد الله الشرقاوي والإفراج عنه ويأذن له في الركوب والخروج من داره حيث يريد فقال أنا لا ذنب لي في التحجير عليه وإنما ذلك من تفاقمهم مع بعضهم فاستأذنه في مصالحتهم فأذن له في ذلك فعمل القاضي لهم وليمة ودعاهم وتغدوا عنده وصالحهم وقرؤوا بينهم الفاتحة وذهبوا إلى دورهم والذي في القلب مستقر فيه. وفيه وردت الأخبار من الديار الرومية بقيام الرومنلي وتعصبهم على منع النظام الجديد والحوادث فوجهوا عليهم عسكر النظام فتلاقوا معهم وتحاربوا فكانت الهزيمة على النظام وهلك بينهم خلائق كثيرة ولم يزالوا في أثرهم حتى قربوا من دار السلطنة فترددت بينهم الرسل وصانعوهم وصالحوهم على شروط منها عزل أشخاص من مناصبهم ونفى آخرين ومنهم الوزير وشيخ الإسلام والكتخدا والدفتردار ومنع النظام والحوادث ورجوع الوجاقات على عادتهم وتقلد آغات الينكجرية الصدارة وأشياء لم تثبت حقيقتها. وفيه حضر عابدين بك أخو حسن باشا من الجهة القبلية. وفي عاشره تواترت الأخبار بوقوع وقائع بالناحية القبلية واختلاف العساكر ورجوع من كان ناحية منفلوط وعصيان المقيمين بالمنية بسبب تأخر علائفهم ورجع حسن بك باشا إلى ناحية المنية فضرب عليه من بها فانحدر إلى بني سويف. وفيه حضر إسماعيل الطوبجي كاشف المنوفية باستدعاء فأرسله الباشا بمال إلى الجهة القبلية ليصالح العساكر. وفي وردت الأخبار من ثغر الإسكندرية بسفر قبودان باشا وموسى باشا إلى إسلامبول وأخذ القبودان صحبته ابن محمد علي باشا وكان نزولهم وسفرهم في يوم السبت خامسه واستمر كتخدا القبودان بمصر متخلفًا حتى يستغلق مال المصالحة. وفيه شرعوا في تقرير فرضة على البلاد أيضًا. وفيه حضر محمود بك من ناحية قبلي. وفيه وصل إلى ثغر بولاق قابجي وعلى يده تقرير لمحمد علي باشا بالاستمرار على ولاية مصر وخلعة وسيف فأركبوه من بولاق إلى الأزبكية في موكب حفل وشقوا به من وسط المدينة وحضر المشايخ والأعيان والاختيارية ونصب الباشا سحابه بحوش البيت للجمع والحضور وقرئت المرسومات وهما فرمانان أحدهما يتضمن تقرير الباشا على ولاية مصر بقبول شفاعة أهل البلدة والمشايخ والأشراف والثاني يتضمن الأوامر السابقة وبإجراء لوازم الحرمين وطلوع الحج وإرسال غلال الحرمين والوصية بالرعية وتشهيل غلال وقدرها ستة آلاف أردب وتسفيرها على طريق الشام معونة للعساكر المتوجهين إلى الحجاز. وفيه الأمر أيضًا بعدم التعرض للأمراء المصريين وراحتهم وعدم محاربتهم لأنه تقدم العفو عنهم ونحو ذلك وانقضى المجلس وضربوا مدافع كثيرة من القلعة والأزبكية. واستهل شهر رمضان بيوم الأربعاء سنة 1221 وانقضى بخبر ولم يقع فيه من الحوادث سوى توالي الطلب والفرض والسلف التي لا ترد وتجريد العسكر إلى محاربة الألفي واستمرار الألفي بالجيزة ومحاصرة دمنهور واستمرار أهل دمنهور على الممانعة وصبرهم على المحاصرة وعدم الطاعة مع متاركة المحاربة. وفيه ورد الخبر بموت عثمان بك البرديسي في أوائل رمضان بمنفلوط وكذلك سليم بك أبو دياب ببني عدي. وفي أواخره تقدم محمد علي باشا إلى السيد عمر النقيب بتوزيع جملة أكياس على الناس من مياسير الناس على سبيل السلفة. واستهل شهر شوال بيوم الجمعة سنة 1221 ولم يقع في شهر رمضان هذا ارتباك في هلالة أولًا وآخرًا كما حصل فيما تقدم وكذلك حصل به سكون وطمأنينة من عربدة العساكر لولا توالي الطلب والسلف والدعاوى الباطلة في المدينة والأرياف وعسف أرباب المناصب في القرى وعملوا شنكًا للعيد بمدافع كثيرة في الأوقاف الخمسة ثلاثة أيام العيد. وفيه فتحوا طلب الميري على السنة القابلة وجدوا في التحصيل ووجهوا بالطلب العساكر والقوامة والأتراك بالعصي المفضضة وضيقوا على الملتزمين. وفي عاشره أخرج الباشا خيامًا ونصب عرضي بناحية شبرا ومنية السيرج والتمس من السيد عمر توزيع أربعمائة كيس برأيه ومعرفته فضاق صدره وشرع في توزيعها على التجار ومساتير وفي يوم الجمعة ثاني عشرينه وصل حسن باشا طاهر من الجهة القبلية ودخل داره وخرج محمد علي باشا إلى جهة الحلي يريد السفر إلى الألفي ووصلت عربان الأفي وعساكره إلى بر الجيزة وطلبوا الكلف من البلاد. وفي يوم الأحد رابع عشرينه عدى محمد علي باشا إلى بر أنبابة. وفي يوم الاثنين خامس عشرينه عدى محمد علي باشا وغالب العسكر إلى بولاق وأشاعوا أن الأخصام هربوا من وجوههم فلم يذهبوا خلفهم بل رجعوا على أثرهم ونهبوا كفر حكيم وما جاوروه من القرى حتى أخذوا النساء والبنات والصبيان والمواشي ودخلوا بهم إلى بولاق والقاهرة ويبيعونهم فيما بينهم من غير تحاش كأنهم سبايا الكفار. واستهل شهر القعدة سنة 1221 بيوم السبت ووصل الحجاج الطرابلسية وعدوا إلى بر مصر. وفي يوم الأحد ثانيه وصلت قوافل الصعيد من ناحية الجبل وبها أحمال كثيرة وبضائع مع عرب المعازة وغيرهم فركب الباشا ليلًا وكبسهم على حين غفلة ونهبهم وأخذ جمالهم وأحمالهم متاعهم حتى أولاد العربان والنساء والبنات ودخلوا بهم إلى المدينة يقودونهم أسرى في أيديهم وفي ذلك اليوم ضربوا مدافع كثيرة من القلعة بورود أشخاص من الططر ببشارة إلى الباشا وتقريره على السنة الجديدة. وفي يوم السبت أداروا كسوة الكعبة والمحمل وركب معها المتسفر عليها من القلزم وهو شخص يقال له محمود آغا الجزيري وركب أمامه الآغا والوالي والمحتسب وطائفة الدلاة وكثير من العسكر. وفي يوم الاثنين عاشره وصلت الأخبار بوصول الألفي إلى ناحية الأخصاص وانتشار جيوشه بإقليم الجيزة وكان الباشا معزومًا ذلك اليوم عند سعودي الحناوي بسوق الزلط وحارة المقس وركب قبيل العصر وذهب إلى بولاق وأمر العساكر بالخروج ولا يتخلف أحد لخامس ساعة من الليل وعدى بمن معه إلى بر أنبابة. وفي ليلة الأربعاء وقع بين الألأفي والعسكر معركة وانجاز العسكر وتترسوا بداخل الكفور والبلاد ووصل منهم جرحى إلى البلد واستمر الأمر على ذلك وهم يهابون البروز إلى الميدان وأخصامهم لا يحاربون المتاريس والحيكان. وفي يوم الثلاثاء ثامن عشره ركب الألفي بجيوشه وتوجه إلى ناحية قناطر شبرامنت فلما عاينهم الباشا ومن معه مارين ركب بعسكره من ناحية كفر حكيم وما حوله وساروا إلى جهة الجيزة ونصب وطاقه بحريها وباتوا تلك الليلة وعملوا شنكًا في صبحها وهم يشيعون هروب الألفي والحال أنه مر في جيش كثيف وصورة هائلة وقد رتب جنوده وعساكره طوابير وبين يديه النظام الذي رتبه على هيئة عسكر الفرنسيس ومعهم طبول بكيفية خرعت عقولهم والباشا واقف بجيوشه ينظر إليه تارة بعينه وتارة بالنظارة ويقول هذا طهماز الزمان ويتعجب وقال لطائفة الدلاة تقدموا لمحاربته وأنا أعطيكم كذا وكذا من المال فلم يجسروا على التقدم لما سبق لهم معه. وفي يوم الخميس حضر أشخاص من العرب إلى الباشا وأخبروه بأن الألأفي قد مات يوم وصوله إلى تلك المحطة وذلك ليلة الأربعاء تاسع عشره ونزل به خلط دموي فتقايا ثم مات وذلك بناحية المحرقة بالقرب من دهشور وأن مماليكه اجتمعوا وأمروا عليهم شاهين بك وذلك بإشارة أستاذهم وأن طائفة أولاد علي انفصلوا عنهم ورجعوا إلى بلادهم وآخرين يطلبون الأمان فاشتبه الحال وشاع الخبر وصارت الناس ما بين مصدق ومكذب واستمر الاشتباه والاضطراب أيامًا حتى أن الباشا خلع على ذلك المخبر بعد أن تحقق خبره فروة سمور وركب بها وشق من وسط المدينة والناس ما بين مصدق ومكذب ويظنون أن ذلك من مكايده وتحيلاته لأمور يدبرها إلى أن حضر بعض الخدم إلى دوره وأخبروا بحقيقة الحال كما ذكر فعند ذلك زال الاشتباه وعد ذلك من تمام سعد محمد علي باشا الدنيوي حتى أنه قال في مجلس خاصته الآن ملكت مصر ولما مات الألفي ارتحلت أجناده ومماليكه وأمراؤه وارتفعوا إلى ناحية قبلي. ثم أن الباشا أرسل إلى أمرائه مكاتبة يستميلهم ويطلبهم للصلح ويدعوهم للانضمام إليه ويعدهم أن يعطيهم فوق مأمولهم ونحو ذلك وأرسل تلك المكاتبة صحبة قادري آغا الذي كان طرده الألفي ونفاه وأخذ محمد علي باشا في إليهتمام والركوب واللحوق بهم وفي كل بوم ينادي على العسكر بالمدينة بالخروج وقوي نشاطهم ورفعوا رؤوسهم وسعوا في قضاء أشغالهم وخطفوا الجمال والحمير وحضر الباشا إلى بيته بالأزبكية وبات به ليلة الأحد وصرح بسفره يوم الخميس وخرج إلى العرضي ثانيًا وطلب السلف والمال ومضى الخميس والجمعة ولم يسافر. وفي ليلة السبت تاسع عشرينه نزل به حادر وتحرك عنده خلط وحصل له إسهال وقيء وأشاع الناس موته يوم السبت وتناقلوه وكاد العسكر ينهبون العرضي ثم حصلت له إفاقة وخرج السيد عمر والمشايخ للسلام عليه يوم الأحد وليهنؤه بجوابات الرسالة من أمراء الألفي أحدها للباشا وعليه ختم شاهين وباقي خشداشينه الكبار وآخر خطابًا لمصطفى كاشف آغا الوكيل وعلي كاشف الصابونجي ومن كان كاتبهم بالمعنى السابق يذكرون في جوابهم إن كان سيدهم قد مات وهو شخص واحد فقد خلف رجالًا وأمراء وهم على طريقة أستاذهم في الشجاعة والرأي والتدبير ونحو ذلك وليس كل مدع تسلم له دعواه ومن أمثال المغاربة ما كل حمراء لحمة ولا كل بيضاء شحمة وذكروا في الجواب أيضًا أنه إن اصطلح من كبرائهم الكائنين بقبلي وهم إبراهيم بك الكبير وعثمان بك حسن وباقي أمرائهما كنا مثلهم وإن كان يريد صلحنا دونهم فيعطينا ما كان يطلبه أستاذنا من الأقاليم ونحو ذلك. واستهل شهر ذي الحجة بيوم الاثنين سنة 1221 فيه ارتحل الباشا بعرضي إلى ساقية مكي بالجيزة متوجهًا لقبلي. وفيه طلبوا المراكب من كل ناحية وعز وجودها وامتنعت الواردون ومراكب المعاشات والتجارات مع استمرار الطلب للمغارم والسلف ونحو ذلك وفي منتصفه وردت مكاتبات من وزير الدولة العثمانية وفيها الخبر بوقوع الغزو بين العثماني والموسكوب والأمر بالتيقظ والتحفز وتحصين الثغور فربما آغاروا على بعضها على حين غفلة وكذلك وردت أخبار بمعنى ذلك من حاكم أزمير وحاكم رودس وأن الإنكليز معاونون لطائفة الموسكوب لاستمرار عداوتهم مع الفرنساوية لكون الفرانساوية متصادقين مع العثماني والخبر عن مجمل القضية أن بونابارته أمير جيش الفرانساوية وعساكرهم خرجوا في العام الماضي وآغاروا على القرانات والممالك الإفرنجية واستولوا على النيمسة التي هي أعظم القرانات وبينهم وبين الموسكوب مصادقة ونسب فأرسل الموسكوب جندًا كثيفًا مساعدة للنيمساوية مع كبير من قرابة قرانهم فتلاقوا مع بونابارته بعد استيلائه على تخت النيمسة فهزمهم أيضًا وأسر عظماءهم وسار بجيوشه إلى الروسية واستولى على عدة أساكل وكلما استولى على جهة قرر بها حكامها وشرط عليهم شروطه التي منها معاداة الإنكليز ومنابذتهم وراسله العثماني وراسله هو أيضًا ورأى العثماني قوة بأسه فصادقه وأرسل إليه من طرفه الجي إلى إسلامبول فدخلها في أبهة عظيمة وأنزلوه منزلًا حسنًا وأرسل صحبته هدايا وقوبل بأعظم منها وكذلك أرسل إلى خصوص بونابارته تحفًا وهدايا وتاجًا من الجوهر فعند ذلك انتبذ الموسكوب ونقض الهدنة بينه وبين العثماني وطلب المحاربة فخافه العثماني لما يعلمه منه من القوة والكثرة وسعى الإنكليز بينهما بالصلح واجتهد في ذلك حتى أمضاه بشروط قبيحة وشرع أهل الإسكندرية في تحصين قلاعها وأبراجها وكذلك أبو قير أرسل كتخدا بك من يتقيد ببناء قلعة بالبرلس وحصل لمصر قلق ولغط وغلت الأسعار في البضائع المجلوبة وعملوا جمعيات ببيت كتخدا بك وببيت السيد عمر النقيب واتفقوا على إرسال تلك المراسلات إلى محمد علي باشا بالجهة القبلية صحبة ديوان أفندي. وفي عشرينه اجنمعوا بالأزهر لقراءة صحيح البخاري في أجزاء صغار. وفيه حضر ديوان أفندي بمكاتبات وفيها طلب جماعة من الفقهاء ليسعوا في إجراء الصلح بين الأمراء المصريين وبين الباشا فوقع الاتفاق على تعيين ثلاثة أشخاص وهم بن الشيخ الأمير وابن الشيخ العروسي والسيد محمد الدواخلي فسافروا في يوم الأحد سادس عشرينه ووصلت الأخبار بأن الإنكليز حضروا في اثني عشر مركبًا وعبروا بغاز إسلامبول وكانوا محترسين فضربوا عليهم بالمدافع من الجهتين فلم يكترثوا ولم يفزعوا ولم يتأخروا ولم يصب الضرب إلا مركبًا واحدة من الاثني عشر وعمروا ثلمتها في الحال ولم يزالوا سائرين حتى رسوا ببر إسلامبول فهاج كل أهلها وصرخوا وانزعجوا انزعاجًا عظيمًا وأيقنوا بأخذ الإنكليز البلدة ولو أرادوا حرقها لأحرقوها عن آخرها فعند ذلك نزل إليها السيد علي باشا القبطان وهو أخو علي باشا الذي كان أخذ يسيرًا مع البرديسي من برج مغيزل برشيد فتكلم معهم وصالحهم وخرجوا من البغاز سالمين مغبوطين بعفوهم المقدرة وانقضت السنة بحوادثها. وأما
|